نمَت منصة Yellow Card لتداول العملات الرقمية لتصبح أكبرَ منصّةٍ مركزيّةٍ في إفريقيا منذ إطلاقها في عام 2019، وليصلَ مجموع ما أجرته من معاملاتٍ ماليّةٍ إلى 1.75 مليار دولارٍ حتى الآن.
وكان كريس موريس (Chris Maurice) وجوستين بوارو (Justin Poiroux) -الشريكان المؤسّسان لشركة Yellow Card- قد أطلقا المنصّة من غرفة سكنهم الجامعي في أوبيرن بولاية ألاباما عام 2019.
وتقدّم منصة Yellow Card تجربةً مشابهةً لتطبيق Block’s Cash، فهي تسمح للمُستخدمين بشراء العملات الرقمية باستخدام العملات التقليديةِ، ومن ثمَّ إرسالها بعد ذلك بشكلٍ دوليّ.
وعلى النقيض من منصّاتٍ مركزيّةٍ من أمثال Coinbase -حيث يقوم العملاء بتخزين عملاتهم الرقميّة لفترة طويلةٍ من الوقت على أمل أن تزيد قيمتها- فإنّ منصة Yellow Card تسمحُ للعميل العاديّ بالاحتفاظ بالمال على المنصة لمدّةٍ لا تزيد عن خمسِ دقائق فقط.
وأوضح موريس -الشريك المؤسس للشركة- في مقابلةٍ مع شبكة CNBC هذه الآليّة بالقول: "الأمر يشبه تماماً أن تودع مليون فرنكٍ في الكاميرون لتشتري بها عملاتٍ رقميةً مثل USDT أو بيتكوين (BTC)، ثمَّ ترسلها حيث تشاء". فالمنصة تتيحُ للمستخدمين إرسال الأموال إلى 16 دولةً في القارة الإفريقية؛ والأهمّ من ذلك أنّها تسهّل عملية تحويل العملات الرقمية مرّةً أخرى إلى العملات المحلية (العادية) عند الطرف الآخر المُستلم لتلك الحوالة.
وتتابعت نجاحات المنصّة لتصبح الآن أكبرَ منصّةٍ مركزيّةٍ للعملات الرقمية في إفريقيا حالياً، بكادرٍ وصل إلى حوالي 220 موظفاً، وبقاعدة مُستخدمين بلغت 1.4 مليون مستخدمٍ في جميع أنحاء القارة.
وبلغة الأرقام، فقد أجرت المنصّة ما قد تصلُ قيمته إلى 1.75 مليار دولار من المعاملات المالية منذ إطلاقها عام 2019. ووفقاً لموريس، فإنّ المنصّة تجري عادةً ما قيمته مليوناً واحداً إلى خمسة ملايين دولارٍ من المُعاملات في اليوم الواحد بحسب الأحوال.
وبهذا النجاح، تبلغ قيمة منصّة Yellow Card في الوقت الحالي 200 مليون دولار، كما جمعت الشركة 57 مليون دولار كتمويلٍ من عددٍ من الشركات الاستثمارية، ومنها Jack Dorsey’s Block وValar Ventures، حيث أنّ الأخيرة هي شركة استثمارٍ في الأموال عالية المخاطر، شارك في تأسيسها بيتر ثيل(Peter Thiel) .
ومع هذا، فلا يزال موريس يطمح إلى تحويل Yellow Card إلى شركةٍ من فئة شركات المليار دولار من خلال توسيع نطاق الخدمة إلى بقية القارة؛ ويقول موريس في هذا الصدد: "أدركتُ في وقتٍ مبكّرٍ جداً الفرص الكثيرة المتاحة في جميع هذه البلدان وأنّه ينبغي علينا أن نكون السبّاقين إلى هذا القطاع في بلدان القارة".
ويتابع بالقول: "سافرت من جنوب إفريقيا إلى بوتسوانا ومن زيمبابوي إلى زامبيا، ثمّ إلى إثيوبيا وغانا وأوغندا لأُنجزَ أعمالاً مضنيةً في تلك البلدان، مثل تسجيل الشركة وفتح الحسابات المصرفيّة؛ كلّ ذلك في سبيل أن نكون مستعدّين لإطلاق مشروعنا هناك".
العملات الرقمية تشكّل بارقة أملٍ للنظام المصرفيّ المتهالك في إفريقيا
يمكن أن يُعزى جزءٌ من النجاح المذهل الذي حقّقته منصة Yellow Card للمُشكلات التي تواجه النظام المصرفيّ في إفريقيا، والتي أدّت للتبنّي المتنامي للعملات الرقمية. فعلى سبيل المثال، لا تزال القارة ترزحُ تحت نظام دفعٍ ماليٍّ "شبه استعماريّ"، حيث تتمّ معالجة ما يقربُ من 80% من الحوالات المرسلة عن طريق البنوكِ الأفريقية عبرَ الحدود خارج القارة، بالذات في الولايات المتحدة أو أوروبا، ما يؤدّي إلى ارتفاع التكاليف وزيادة أوقات المعالجة التي قد تصل في بعض الأحيان إلى أسابيع.
وفي توضيحٍ لهذه المشكلة يقول راي يوسف، الرئيس التنفيذي لشركة Paxful: "إنّ النظام المصرفيّ بأكمله في إفريقيا معطوبٌ تماماً حتى بين شركات الاتصالات المُزوِّدة لخدمات تحويل الأموال عبر الهاتف المحمول". وأضاف أنّ هناك مشكلةً أخرى وهي أنَّ شركات الدفع في القارة ما تزال تفتقرُ إلى الحدِّ الأدنى من الاتصال ببعضها البعض.
"هنالك آلاف شبكات الدفع الماليّ، إلا أنّ 2% فقط منها تتواصل مع بعضها البعض، ومع أنّ عدد هذه الشبكات مستمرٌّ في النمو فالوضعُ لا يتحسن، بل في الواقع يزداد سوءاً".
ويقول المواطن النيجيريّ فرانكلين أوكوي الذي يكسب قُوته من خلال مساعدة الشركات على استيراد سلعٍ مثل الملابس والمواد الكيميائية من الصين: "يبحث الجميعُ عن طرق دفعٍ بديلةٍ، ومن الواضح أنّنا سنتجه جميعاً إلى العملات الرقمية".
من هنا، فإنّ هذا الواقع يخلق فرصةً كبيرةً للعملات الرقمية في دخول السوق المالية الإفريقية وسدِّ الفجوة التي يعاني منها النظام المصرفيّ التقليدي، لا سيّما وأنّ الدفع بالعملات الرقمية يسهّل ويزيد فاعليّة المُعامَلات المالية المباشرة عبر الحدود.