دونالد ترامب، رجل الأعمال الملياردير والرئيس الحالي للولايات المتحدة، تحول من مستثمر عقاري تقليدي إلى أحد أبرز داعمي صناعة العملات المشفرة. من خلال مواقفه المثيرة للجدل حول العملات الرقمية، أصبح له تأثير كبير في هذا المجال. في هذا المقال، نستعرض كيف انتقل ترامب إلى دعم العملات المشفرة ودوره في تشكيل مستقبلها.
المولد والنشأة
وُلد دونالد جون ترامب في 14 يونيو 1946 في مدينة نيويورك. وكان الطفل الرابع لفريد ترامب، المطور العقاري الناجح، وماري آن ماكلويد ترامب، المهاجرة من اسكتلندا. نشأ ترامب في حي جامايكا إيستيتس بمنطقة كوينز بنيويورك مع أشقائه الأربعة. كانت عائلته ميسورة الحال بفضل نجاح والده في مجال العقارات، حيث امتلكت العائلة وحدات سكنية لذوي الدخل المتوسط.
في سن الثالثة عشرة، أُرسل ترامب إلى أكاديمية نيويورك العسكرية، حيث تلقى تربية صارمة، واكتسب سمات القيادة والمثابرة. بعد تخرجه من الأكاديمية، التحق بجامعة فوردهام لفترة قصيرة قبل أن ينتقل إلى كلية وارتون في جامعة بنسلفانيا. أين حصل على درجة البكالوريوس في الاقتصاد عام 1968.
بعد تخرجه من جامعة بنسلفانيا عام 1968 بشهادة في الاقتصاد، انضم دونالد ترامب إلى شركة والده، ترامب مانجمنت، التي كانت تركز على تأجير العقارات السكنية للطبقة المتوسطة في أحياء نيويورك. ثم في أوائل السبعينيات، تولى ترامب قيادة الشركة وغيّر اسمها إلى منظمة ترامب، ليبدأ في توسيع استثماراتها بشكل طموح. حيث وجه اهتمامه نحو بناء وتطوير المشاريع العقارية الفاخرة.
كانت أول خطوات ترامب الكبرى هي تطوير المشاريع في مانهاتن، إذ بدأ بتجديد فندق "كومودور" المهجور بالتعاون مع سلسلة فنادق حياة. والذي افتتح لاحقًا باسم غراند حياة نيويورك. بعد نجاح هذا المشروع، أطلق برج ترامب في وسط مانهاتن، وهو ناطحة سحاب فاخرة أصبحت مقرًا رئيسيًا لأعماله وساعدت في تعزيز صورته كرجل أعمال ناجح في نيويورك.
شغل منصب الرئيس الـ45 للولايات المتحدة من عام 2017 إلى 2021، ويستعد لتولي الرئاسة مجددًا بعد فوزه في انتخابات 2024. وُلد في نيويورك وتخرج في الاقتصاد من جامعة بنسلفانيا.
إمبراطورية دونالد ترامب
بعد تخرجه من جامعة بنسلفانيا عام 1968، انضم إلى شركة والده العقارية، التي ركزت على استثمارات الإسكان المتوسط. في السبعينيات، تولى إدارة الشركة وأعاد تسميتها إلى "منظمة ترامب"، ليبدأ في بناء وتطوير ناطحات السحاب، والفنادق، والكازينوهات، وملاعب الجولف.
من أبرز إنجازاته العقارية برج ترامب في نيويورك، الذي أصبح رمزًا لعلامته التجارية. رغم مواجهته صعوبات مالية وإعلان الإفلاس عدة مرات خلال التسعينيات، تمكن من إعادة بناء ثروته. من خلال استثمارات جديدة ومشاريع ترخيص علامته "ترامب" في مختلف المنتجات الفاخرة مثل الأثاث والملابس.
أصبح مليارديرًا ليس فقط من خلال العقارات، ولكن أيضًا عبر مشروعاته في الترفيه والإعلام. وأبرزها برنامج "ذا أبرينتايس"، الذي عزز صورته كرجل أعمال ناجح، وحقق له عائدات بملايين الدولارات.
استمر ترامب في تطوير مشاريعه حول العالم، وتقدر ثروته اليوم بمليارات الدولارات، مما يجعله من الشخصيات البارزة في عالم الأعمال الأمريكي.
حول ترامب عقاره في بالم بيتش، فلوريدا، المعروف باسم "مارالاغو"، إلى نادٍ خاص فاخر واحتفظ بجزء منه كمقر إقامته، وهو يعد واحدًا من أبرز معالم إمبراطوريته. كما وسّع ترامب علامته التجارية إلى أسواق دولية. بما في ذلك مشاريع في دول مثل تركيا، الهند، والفلبين، عبر صفقات ترخيص فاخرة.
أيضا، استثمر ترامب بشكل كبير في شراء وتطوير ملاعب الجولف في الولايات المتحدة وخارجها، حتى أصبحت جزءًا مهمًا من علامته التجارية. لكن، واجه ترامب قضايا قانونية متعددة تتعلق بضرائب مؤسساته ومشروعاته. كما أظهرت تقارير تحقيقات حول استراتيجياته للتهرب الضريبي وخفض ديونه خلال العقود الماضية.
رئيس للولايات المتحدة الأمريكية مرةً أخرى!
دونالد ترامب، قبل دخوله السياسة، كان رجل أعمال شهيرًا يتمتع بشعبية واسعة بفضل علامته التجارية وبرنامجه التلفزيوني. بدأ اهتمامه السياسي يظهر في الثمانينيات والتسعينيات عندما كان يعبر عن آرائه في الشؤون العامة. في عام 2015، أعلن عن ترشحه للانتخابات الرئاسية الأمريكية كمرشح للحزب الجمهوري، متبنياً خطابًا شعبويًا ركز على قضايا مثل الهجرة والأمن الوطني و"أمريكا أولًا".
فاز ترامب في انتخابات 2016 رغم خسارته التصويت الشعبي أمام المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، ليصبح الرئيس الـ45 للولايات المتحدة. تميزت ولايته الأولى بسياسات مثيرة للجدل. مثل بناء جدار حدودي مع المكسيك، وفرض حظر سفر على دول ذات أغلبية مسلمة، والانسحاب من اتفاقيات دولية مثل اتفاق باريس للمناخ. كما أثار الجدل بتفاعله مع جائحة كوفيد-19 واتهامه بنشر معلومات غير مؤكدة.
واجه ترامب تحقيقات عديدة، بما في ذلك تحقيق مولر بشأن التدخل الروسي في الانتخابات. كما عُزل مرتين خلال ولايته الأولى: الأولى بتهمة إساءة استخدام السلطة، والثانية بتهمة التحريض على التمرد إثر اقتحام الكونغرس من أنصاره، ولكنه بُرئ في الحالتين من قبل مجلس الشيوخ.
بعد خسارته أمام جو بايدن في انتخابات 2020، زعم ترامب أن الانتخابات تم تزويرها، وواصل تأثيره على الحزب الجمهوري. في عام 2024، ترشح مرة أخرى للرئاسة وهزم المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، ليصبح الرئيس الـ47 ويعيد انتخابه لفترة ثانية غير متتالية، محققًا إنجازًا تاريخيًا كرئيس ينتخب لفترتين غير متتاليتين منذ جروفر كليفلاند.
ملحمة ترامب السياسية تتسم بالشعبوية المثيرة للجدل، وإصراره على مواصلة التأثير السياسي. مما جعله من أكثر الشخصيات تأثيرًا واستقطابًا في التاريخ السياسي الأمريكي الحديث.
شخصية دونالد ترامب الواضحة والصريحة...
دونالد ترامب هو بلا شك شخصية مثيرة للجدل، إذ يمزج بين الكاريزما القيادية والأسلوب الحاد في التعبير عن آرائه. مما جعله واحدًا من أكثر الشخصيات تأثيرًا واستقطابًا في العالم. يتميز بشخصية واثقة وصريحة، يتحدث بلا تحفظات وغالبًا ما يعبر عن آرائه دون مراعاة الأعراف الدبلوماسية، مما جذب له مؤيدين مخلصين وخصومًا شرسين!
تظهر الجوانب الجدلية في شخصية دونالد ترامب من خلال قراراته الجريئة واتباعه نهجًا غير تقليدي في الأعمال والسياسة. فهو غالبًا ما يتحدى النظم القائمة ويشجع على تغييرها.
هذه الشخصية المتحدية جعلت منه رمزًا في عالم المال والأعمال، ثم في السياسة، حيث اتخذ مواقف غير مألوفة. مثل مواقفه المتشددة حول الهجرة والعلاقات الدولية، وخطابه الشعبوي الذي يلهم البعض ويغضب البعض الآخر.
ترامب أيضًا يتبنى نظريات المؤامرة ويعبر علنًا عن شكوكه في وسائل الإعلام والمؤسسات التقليدية، مما يزيد من حدّة الجدل حوله. هذا المزيج من الجسارة والتحدي أسهم في تكوين شخصيته العامة، التي يصفها الكثيرون إما بالقيادة الفذة أو الاستفزازية، حسب وجهة نظرهم.
ترامب والعملات الرقمية
في السنوات الأخيرة، برز دونالد ترامب كشخصية مثيرة للانتباه في مجال العملات المشفرة، رغم آرائه المتضاربة حول هذا القطاع. بدايةً، أعرب ترامب عن انتقادات حادة تجاه العملات الرقمية، وخاصة البيتكوين. حيث وصفها بأنها "احتيال" و"تهديد للدولار الأمريكي" في عدة مقابلات وتصريحات. هذه المواقف جاءت معبرة عن قلقه من فقدان السيطرة النقدية التقليدية، خاصة مع التنامي السريع لقطاع التشفير وتأثيره المتزايد على الاقتصاد العالمي.
لكن لاحقًا، تغير موقف ترامب إلى حد ما مع بروز الرموز غير القابلة للاستبدال (NFTs) كجزء جديد ومبتكر من قطاع التشفير، والتي تتيح للفنانين والمشاهير بيع حقوق ملكية رقمية فريدة.
في عام 2022، أطلق ترامب مجموعة NFT تتضمن صورًا رقمية له تمثل لحظات خيالية من حياته، مثل صوره كبطل خارق أو رجل إطفاء. وقد تم بيع هذه الرموز بسرعة، مما أثار اهتمامًا واسعًا وجذب أموالًا طائلة.
فيما بعد، أصبح ترامب أكثر انفتاحًا تجاه هذا القطاع، وبدأ في التركيز على كيفية توظيف تقنية البلوكتشين لزيادة الربحية وابتكار قنوات جديدة للتواصل مع جمهوره. في هذا السياق، أشارت بعض التحليلات إلى أن توجه ترامب نحو NFTs قد يعكس رغبة في الاستفادة من شعبيته وشهرة اسمه لتحقيق مكاسب إضافية من تكنولوجيا التشفير.
تم إصدار أربع مجموعات تصور الرئيس المنتخب في بدلات وأوضاع مختلفة. تم إطلاق آخرها في أغسطس الماضي، وحققت مبيعات تجاوزت 2 مليون دولار. ومع ذلك، تم بيع 5% فقط من أصل 360 ألف نسخة تم سكها على بوليجون.
لاحقا، ذهب ترامب أبعد من ذلك ودعم بشكل صريح قطاع العملات المشفرة والبيتكوين، ووعد باطلاق سراح مؤسس طريق الحرير، روس البريشت. كما وعد أيضا بإقالة غاري جينسلر من رئاسة هيئة الأوراق المالية والبورصات. كما شارك في عدد من الأحداث حول الصناعة!
الثروة من التشفير
وفقًا لبيانات Arkham Intelligence، يمتلك الرئيس الأمريكي المستقبلي الـ47، دونالد ترامب، أكثر من 5 ملايين دولار في العملات الرقمية عبر محافظه. تتكون الغالبية العظمى من هذه الأصول من إيثيريوم وإيثيريوم مغلف (WETH). وبلغت حيازاته من هذه العملات في وقت كتابة التقرير حوالي 495.28 إيثيريوم و478,697 WETH، بقيمة إجمالية تقدر بـ2.83 مليون دولار. حصل ترامب على هذه الإيثيريوم كعائدات من مبيعات مجموعة NFT الخاصة به.
إضافة إلى ذلك، يُقال إن ترامب يمتلك أيضًا 579,290 توكن من عملة MAGA، وهي عملة رقمية ترتبط باليمين السياسي وتبلغ قيمتها الحالية حوالي 1.14 مليون دولار. وتجدر الإشارة إلى أن هذه العملة، كمعظم عملات PolitiFi، فقدت نحو 35% من قيمتها بعد انتخاب ترامب.
في 6 يونيو، وصلت قيمة الأصول الرقمية لترامب إلى 26 مليون دولار بعد حصوله على عملات TROG بالدولار. إلا أن هذه القيمة انخفضت منذ ذلك الحين. وينطبق الأمر ذاته على عملات ميم أخرى ضمن محافظه، مثل ELON، FIGHT، وCONAN.
رغم ذلك، فإن هذه الأصول الرقمية لا تشكل سوى جزء صغير من ثروة ترامب الهائلة، التي تستند إلى استثماراته العقارية. من خلال منظمة ترامب، يمتلك ترامب 30% من اثنين من الأبراج التجارية في نيويورك، بقيمة إجمالية تبلغ 500 مليون دولار. إضافة إلى مجمع جولف في فلوريدا يقدر بـ300 مليون دولار، وحصص في عشرات ملاعب الجولف.
كما تشمل ممتلكاته شقة علوية ومساحات تجارية في برج ترامب بنيويورك، ومزرعة عنب، وطائرة بوينج 757 أطلق عليها "ترامب فورس وان"، وحوالي 15 شقة في بارك أفينيو بنيويورك. وتمتد ممتلكاته إلى استثمارات وأصول متعددة أخرى.
وتأتي معظم ثروته الحالية من شركته الإعلامية، مجموعة ترامب للإعلام والتكنولوجيا (TMTG)، التي أسسها في فبراير 2021 وتمتلك شبكة Truth Social للتواصل الاجتماعي. يمتلك ترامب 58% من أسهم المجموعة التي طرحت في سوق الأسهم في مارس الماضي، وكانت قيمتها حينها تُقدر بـ9.5 مليار دولار. اليوم، تبلغ قيمتها حوالي 6.8 مليار دولار، ما يجعل حصة ترامب تساوي حوالي 4 مليارات دولار.
ما الذي يمكن أن يقدمه ترامب الرئيس لصناعة العملات المشفرة؟
قد يسعى ترامب إلى تخفيف القيود التنظيمية على صناعة العملات المشفرة، وهي سياسة متسقة مع نهجه العام لتقليل التدخل الحكومي في الاقتصاد. مثل هذه السياسة قد تسهم في تشجيع الابتكار في مجال البلوكتشين والعملات المشفرة. إذ أن تخفيف القيود قد يجذب مزيدًا من الاستثمارات ويعزز من موقف الولايات المتحدة كمركز عالمي للتكنولوجيا المالية.
أيضا، يمكن أن يقوم ترامب بدعم العملات المشفرة عبر محاولة الاعتراف بها كأصول مالية رسمية، مما قد يسهل التعامل بها في النظام المالي الأمريكي. هذا التوجه يمكن أن يعزز من استخدام العملات الرقمية ويوسع نطاق اعتمادها في المعاملات التجارية الرسمية.
كذلك، يمكن لترامب، بالنظر إلى دعمه السابق للابتكارات، أن يطلق مبادرات حكومية تتبنى تكنولوجيا البلوكتشين في القطاعات الحكومية، مثل تحسين الشفافية الأمنية أو إدارة العقود الذكية. هذه المبادرات قد تعطي دفعة هائلة لصناعة التشفير وتجعلها أكثر شيوعًا في القطاعات العامة والخاصة.
كما من الممكن أن يقوم ترامب بتعيين شخصيات داعمة للعملات الرقمية في المناصب الرقابية، مثل هيئة الأوراق المالية والبورصات (SEC). هذه الخطوة قد تفتح المجال لصناعة التشفير للعمل ضمن إطار تنظيمي داعم يقلل القيود ويعزز من سيولة السوق.
في الأخير، قد يتخذ ترامب خطوات لتشجيع الشركات على تبني العملات الرقمية كوسيلة للدفع، ما سيؤدي إلى توسيع قاعدة استخدام التشفير في الاقتصاد الأمريكي. هذا يمكن أن يعزز مرونة الشركات ويوفر خيارات جديدة للعملاء.