قد يصبح معدنو بتكوين، ومعهم شركات العملات المشفرة التي تعرقلت جهودها لطرح أسهمها للاكتتاب العام في الولايات المتحدة، أكبر الفائزين في عالم الأصول الرقمية في حالة فوز دونالد ترمب بفترة رئاسية جديدة. أما الشركات الأجنبية فستكون مهددة بفقدان حصتها في السوق، وقد ينتهي بها المطاف كأكبر الخاسرين من فوز المرشح الجمهوري.
هذه هي وجهة النظر التي تترسخ لدى المشاركين في السوق والمراقبين وسط تأييد الرئيس الأميركي السابق المتزايد للعملات المشفرة مع ارتفاع احتمال انتخابه مجدداً. وأظهر استطلاع للرأي نشرته "سي بي إس نيوز" يوم الخميس حصول ترمب على تصويت أغلبية (52%) من الناخبين المحتملين في السباق الرئاسي المنتظر في نوفمبر.
قال كريستيان كاتاليني، مؤسس شركة "إم آي تي كريبتو إيكونوميكس لاب" (MIT Cryptoeconomics Lab): "سيكون الجميع تقريباً في الولايات المتحدة فائزين إذا كانوا على استعداد للعمل وفقاً للقواعد الجديدة عند تطبيقها".
بتكوين تستفيد من تقدم ترمب
قفز سعر بتكوين 10% بعد أداء الرئيس الأميركي جو بايدن الضعيف في المناظرة التي عٌقدت يونيو الماضي أمام ترمب، ومحاولة الاغتيال الفاشلة ضد المرشح الجمهوري. وبالإضافة إلى ذلك، ظهر رد الفعل الأكبر على تقدم ترمب في السوق من خلال ارتفاع أسعار أسهم الشركات التي تصادق معاملات البلوكتشين الخاصة بالعملات المشفرة.
والتقى ترمب في يونيو مع معدني بتكوين، وفي منشور لاحق عبر حسابه على "تروث سوشال" (Truth Social)، اعتبر أن تعدين بتكوين قد يكون "خط دفاعنا الأخير ضد العملات الرقمية التي يصدرها البنك المركزي". مضيفاً أنه "يريد أن تكون جميع عملات بتكوين المتبقية "مصنوعة في الولايات المتحدة!!!".
كما ارتفعت أسهم "ماراثون ديجيتال" (Marathon Digital) و"ريوت بلاتفورمز" (Riot Platforms)، وهما من أكبر الشركات المتداولة علناً، بنحو 30% في تلك الفترة. وصعد سهم "سايفر ماينينغ" (Cipher Mining) بنسبة 50% تقريباً، إذ تستكشف الشركة عملية بيع محتملة بعد تلقيها اهتماماً بالاستحواذ، حسبما كشف أشخاص مطلعون على الأمر في وقت سابق.
اكتتابات شركات العملات المشفرة
بدأت الشركات العاملة في قطاع العملات المشفرة مرة أخرى بوضع خطط للاكتتابات العامة الأولية، في مشهدٍ كان من غير الوارد تصوره بعد انهيار أسواق هذا القطاع في 2022. قدمت شركة "سيركل" (Circle)، وهي الجهة المصدرة للعملة المستقرة "يو إس دي سي" (USDC) التي تبلغ قيمتها حوالي 33 مليار دولار، طلباً للاكتتاب العام في يناير بعد التراجع عن طلب سابق منذ أكثر من عام. وتدرس شركة "نورثرن داتا" (Northern Data)، التي تحولت من تعدين العملات المشفرة إلى توفير الحوسبة للذكاء الاصطناعي، الإدراج في الولايات المتحدة بتقييم يصل إلى 16 مليار دولار، وتستعد "كراكن" (Kraken)، ثاني أكبر بورصة للعملات المشفرة في الولايات المتحدة، أيضاً لطرح عام أولي.
تُعتبر تعاملات العملات المشفرة واحدة من العقبات الرئيسية التي تواجه هذه الشركات للحصول على موافقة من هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية، حيث تُصنف الهيئة عدداً من العملات المشفرة كأوراق مالية غير مسجلة، فيما تعرض رئيسها، غاري غينسلر، لانتقادات من كبار الشخصيات في عالم العملات المشفرة مثل الرئيس التنفيذي لشركة "كوين بيس" (Coinbase)، براين أرمسترونغ، بسبب حملات القمع والدعاوى القضائية ضد شركات العملات المشفرة تحت قيادته. ويُعتقد أن ترمب قد يعين رئيساً للهيئة يكون أكثر ودية تجاه العملات المشفرة.
تعزيز وصول العملات المشفرة
قد تؤدي رئاسة ترمب الثانية أيضاً إلى أن يصبح النظام المصرفي أكثر قبولًا لشركات العملات المشفرة. وشهدت منصات تداول الأصول الرقمية تقلص عدد البنوك التي يمكنها الاستفادة منها للتحويل بين العملات الورقية والأصول المشفرة.
كما تعرض عدد كبير من البنوك الصديقة للعملات المشفرة مثل "سيلفر غيت" (Silvergate) و"سيغنيتشر" (Signature) للإفلاس، ما زاد من تقييد وصول شركات العملات المشفرة إلى الخدمات المصرفية.
تفوق أميركي على المنافسين
في حين أن معظم المشاركين في الصناعة سيحتفلون بفوز ترمب، قد تشعر بعض الشركات بعدد من التأثيرات السلبية، خاصة شركات العملات المشفرة غير الاميركية، بما فيها منصات التداول مثل "بينانس" (Binance) و"أو كي إكس" (OKX) و"ديربيت" (Deribit)، حيث استمتعت في الفترة الماضية بزيادة حصتها في السوق بسبب التنظيمات الصارمة التي تمنع المنافسين في الولايات المتحدة من إطلاق بعض الخدمات الأكثر شعبية. على سبيل المثال،
ففي ظل وجود منظمين أكثر ودية تجاه العملات المشفرة وإطار قانوني واضح، يمكن للشركات الأميركية إطلاق خدمات تداول توفر المزيد من الرافعة المالية أو عقود الخيارات والعقود المستقبلية للعملات المشفرة مع تواريخ انتهاء متعددة.
قد تكون شركة "بيتمين" (Bitmain) الصينية التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات الخاسر الأكبر من فوز ترمب، حيث تهيمن أكبر شركة مصنعة لآلات تعدين بتكوين على السوق الآن، ويستخدم معظم المعدنون المدرجين في الولايات المتحدة منصاتها.
وبالإضافة إلى تصريحات ترمب بشأن التجارة مع الصين، فإن طموحه لتصنيع كل ما تبقى من عملات بتكوين في الولايات المتحدة قد يمثل المزيد من التحديات للشركة. وينطبق هذا بشكل خاص على المنافسين الأميركيين مثل "بلوك" (Block) و"أوراداين" (Auradine) اللتان تبيعان كميات كبيرة من الرقائق أو الآلات الجديدة لشركات التعدين.
تُعد العملة الرقمية التي يطلقها البنك المركزي هدفًا سهلاً لترمب. يرى العديد من المشاركين في العملات المشفرة أن العملة الرقمية من البنك المركزي وسيلة للحكومة لتعزيز المراقبة المالية على مواطنيها. وتعهد ترمب بعدم السماح أبداً برقمنة الدولار.